فصل: الآية رقم ‏(‏1 ‏:‏ 10‏)‏

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: مختصر ابن كثير **


 سورة الطارق

 مقدمة

روى النسائي عن جابر بن عبد اللّه قال‏:‏ صلى معاذ المغرب فقرأ البقرة والنساء، فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم ‏:‏ ‏(‏أفتان أنت يا معاذ‏؟‏ ما كان يكفيك أن تقرأ بالسماء والطارق، والشمس وضحاها ونحوها‏؟‏‏)‏ ‏"‏أخرجه النسائي‏"‏‏.‏

بسم اللّه الرحمن الرحيم‏.‏

 الآية رقم ‏(‏1 ‏:‏ 10‏)‏

‏{‏ والسماء والطارق ‏.‏ وما أدراك ما الطارق ‏.‏ النجم الثاقب ‏.‏ إن كل نفس لما عليها حافظ ‏.‏ فلينظر الإنسان مم خلق ‏.‏ خلق من ماء دافق ‏.‏ يخرج من بين الصلب والترائب ‏.‏ إنه على رجعه لقادر ‏.‏ يوم تبلى السرائر ‏.‏ فما له من قوة ولا ناصر ‏}‏

يقسم تبارك وتعالى بالسماء، وما جعل فيها من الكواكب النيرة، ولهذا قال تعالى‏:‏ ‏{‏والسماء والطارق‏}‏، ثم قال‏:‏ ‏{‏وما أدراك ما الطارق‏}‏، ثم فسَّره بقوله‏:‏ ‏{‏النجم الثاقب‏}‏‏.‏ قال قتادة وغيره‏:‏ إنما سمي النجم طارقاً لأنه يرى بالليل ويختفي بالنهار، ويؤيده ما جاء في الحديث‏:‏ ‏(‏إلا طارقاً يطرق بخير يا رحمن‏)‏‏.‏ وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏الثاقب‏}‏ قال ابن عباس‏:‏ المضيء، وقال السدي‏:‏ يثقب الشياطين إذا أرسل عليها، وقال عكرمة‏:‏ هو مضيء ومحرق للشيطان، وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏إن كل نفس لّما عليها حافظ‏}‏ أي كل نفس عليها من اللّه حافظ يحرسها من الآفات، كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر اللّه‏}‏، وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏فلينظر الإنسان مم خلق‏}‏ تنبيه للإنسان على ضعف أصله الذي خلق منه، وإرشاد له إلى الاعتراف بالمعاد، لأن من قدر على البداءة، فهو قادر على الإعادة بطريق الأولى، كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه‏}‏، وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏خلق من ماء دافق‏}‏ يعني المني يخرج دفقاً من الرجل ومن المرأة، فيتولد منهما الولد بإذن اللّه عزَّ وجلَّ، ولهذا قال‏:‏ ‏{‏يخرج من بين الصلب والترائب‏}‏ يعني صلب الرجل وترائب المرأة وهو صدرها وقال ابن عباس‏:‏ صلب الرجل وترائب المرأة أصفر رقيق لا يكون الولد إلا منهما، وعنه قال‏:‏ هذه الترائب ووضع يده على صدره، وعن مجاهد‏:‏ الترائب ما بين المنكبين إلى الصدر، وعنه أيضاً‏:‏ الترائب أسفل من التراقي، وقال الثوري‏:‏ فوق الثديين، وقال قتادة‏:‏ ‏{‏يخرج من بين الصلب والترائب‏}‏ من بين صلبه ونحره، وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏إنه على رجعه لقادر‏}‏ فيه قولان‏:‏ أحدهما على رجع هذا الماء الدافق إلى مقره الذي خرج منه لقادر على ذلك، قاله مجاهد وعكرمة وغيرهما‏.‏ الثاني إنه على رجع هذا الإنسان المخلوق من ماء دافق، أي إعادته وبعثه إلى الدار الآخرة لقادر، قال الضحّاك واختاره ابن جرير، ولهذا قال تعالى‏:‏ ‏{‏يوم تبلى السرائر‏}‏ أي يوم القيامة تبلى فيه السرائر أي تظهر وتبدو، ويبقى السر علانية والمكنون مشهوراً، وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏فماله‏}‏ أي الإنسان يوم القيامة ‏{‏من قوة‏}‏ أي في نفسه، ‏{‏ولا ناصر‏}‏ أي من خارج منه، أي لا يقدر على أن ينقذ نفسه من عذاب اللّه، ولا يستطيع له أحد ذلك‏.‏

 الآية رقم ‏(‏11 ‏:‏ 17‏)‏

‏{‏ والسماء ذات الرجع ‏.‏ والأرض ذات الصدع ‏.‏ إنه لقول فصل ‏.‏ وما هو بالهزل ‏.‏ إنهم يكيدون كيدا ‏.‏ وأكيد كيدا ‏.‏ فمهل الكافرين أمهلهم رويدا ‏}‏

قال ابن عباس‏:‏ الرجع المطر، وعنه‏:‏ هو السحاب فيه المطر، وقال قتادة‏:‏ ترجع رزق العباد كل عام، ولولا ذلك لهلكوا وهلكت مواشيهم، ‏{‏والأرض ذات الصدع‏}‏ قال ابن عباس‏:‏ هو انصداعها عن النبات وهو قول ابن جرير وعكرمة والضحّاك والحسن وقتادة والسدي وغيرهم وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏إنه لقول فصل‏}‏ قال ابن عباس‏:‏ حق، وقال غيره‏:‏ حكم عدل، ‏{‏وما هو بالهزل‏}‏ أي بل هو جد حق، ثم أخبر الكافرين بأنهم يكذبون به، ويصدون عن سبيله فقال‏:‏ ‏{‏إنهم يكيدون كيداً‏}‏ أي يمكرون بالناس، في دعوتهم إلى خلاف القرآن، ثم قال تعالى‏:‏ ‏{‏فمهل الكافرين‏}‏ أي أنظرهم ولا تستعجل لهم، ‏{‏أمهلهم رويداً‏}‏ أي قليلاً وسترى ماذا أحل بهم، من العذاب والنكال، والعقوبة والهلاك كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏نمتعهم قليلاً ثم نضطرهم إلى عذاب غليظ‏}‏‏.‏